نحو دعوة حضارية :
إن الدعوة إذن للإسلام ليست عبادة لتعبيد الجوارح فقط ،ولا لتعبيد القلب والروح فقط ،ولا لاتزانات الفكر فقط ،ولا دعوة أيضا لتعبيد المجتمع بتطبيقه للشريعة فقط ،بل هي دعوة لكل هذا.. إذن فهي نداء صارخ لتعبيد كل حياة الناس لرب الناس ، ولهذا ما من حركة وسكون في هذا الكون من الواجب الدعوة لتناسقهما مع البديل الإسلامي، مما يعني العمل على دعوة شاملة لايحتضنها إلا بديل حضاري بمشروع كامل.
والدعوة الإسلامية في عموم فلسفتها دعوة للحق والخير والحقيقة بكل مناهضة للشر والباطل والبهتان مما يعني الدعوة التامة للإنسان بالحفاظ على فطرته سليمة من كل الأمراض الإجتماعية والنفسية والفكرية ،مما يجعل الإسلام دينا مقبولا من كل ذي عقل سليم،وهاته من ألمع خصائص الإسلام الرافض منطقه كل أنواع التهور وكل ألوان محاولات تقزيم الإنسان كمخلوق جد متميز، له وظيفة سامية في الإسلام تتجلى في عبوديته لله وحده.. والتي تعني خلافته للرب تعالى على وجه هاته البسيطة ، ولهذا نجد أن الحقيقة المسلمة مدعمة بكل العلوم والبراهين والتجاريب والأمثلة وبالتالي فهي متجانسة والحكمة الكبرى المتجلية في إبداع الله للخلق الذي توجه الإنسان بخلافته لربه في عالمه السفلي هذا.مما يعطي لحياة الإنسان كل ما يليق بها من قدسية : ومن أجل تقديس الإنسان كانت كل العبادات المفروضة عليه : مما جعل الدعوة للإسلام دعوة تشمل كل مجالات الحياة الإنسانية مربية للإنسان روحا وفكرا وقلبا وجسدا وضابطة له غريزة وشهوة،دون التفريق بين جنس وآخر كما العديد من الديانات المزورة.. بل هي دعوة لكل الناس على اختلاف مشاربهم وثقافاتهم وجنسياتهم ولغاتهم وطبقاتهم..كما أنها وظيفة لكل مسلم ،فكل مسلم ملزم بتبليغ الخير الذي عنده، رغم أن للعلماء وظيفة الحفاظ على تبليغ كل الإسلام.وممارسة الدعوة بأسلوب أعمق وأشمل..حتى نرقى للدعوة الحضارية للإسلام الداعية له كبديل لكل عورات الحضارات القائمة التي أخرجت الإنسان من كل ذاته لتجعله يعرف تقريبا دقائق كل شئ لكن بجهل جهول لذاته ووظيفته المقدسة في هاته الحياة ..فالإسلام إذن دعوة للجوهر الحضاري لاالزيف.. ولإنسانية الإنسان لاحيوانيته كما يريد كل أعداء الإسلام للإنسان..وبالتالي فالتقدم والحضارة والإزدهار بشتى أشكالها أدوات في خدمة الإنسانية في الإسلام، وليس الإنسان هو العبد لها كما تملي حياتنا الحالية :التي كلما زحفت مادياتها كلما كبلت الإنسان، لتجعل منه شبه آلة لاتتحرك إلا للوظائف المادية مدمرة كل ما يكتنزه قلبه من روحانيات ومعنويات أصبح الكلام عليها اليوم في العالم المعاصر تخلفا وغيبية وهرطقة..
فالحضارة القائمة اليوم لها العديد من الحسنات لكن يطمسها كلها قضاؤهاعلى جوهر الإنسان..وللأسف بدعاوي العلم والتقدم : مما يلزم الداعية المسلم بامتلاك كل آليات البرهان الفلسفي والمنطق العلمي والدليل والحجة البليغين في حواره بالتي هي أحسن ،لأن الحوار المعاصر حوار علوم لاشعارات وإملاءات وإيديولوجيات : خصوصا أننا ندعو لميزة الإسلام كدين علم ونور وبراهين ثابتة بكل المناطق السليمة.ودين الحقائق التي تسموا بالإنسان نحو الآفاق العليا للتزكية والطهارة والطمأنينة عكس ما ينعت به الغلاة الإسلام من بواطل..فالدعوة الإسلامية مقننة بأخلاق كريمة وبآداب شملها قوله تعالى : »أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن »وقوله تعالى : »ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن »
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق