من حدود الدعوة :
وهناك العديد من جماعاتنا المباركة التي اختصت في الدعوة لإحدى أو بعض شعب الدين، ولولبت كل تحركاتها حول أهدافها المحدودة دون ادعاء بأنها تدعوا لكل الدين : وهاته الجماعات والحمد لله لاقت إقبالا بليغا من كل الصلحاء الذين لايزالون يقدمون لها كل أيادي العون، لكن المشكل يكمن في الحركات التي تتحرك بمشروع أو فهم خاص مجمدة عليه كل تحركاتها ومدعية أن منهاجها أو اجتهادها فقط هو الدين الصحيح مما جعل بعضها لايعترف ببعض لحد التضارب :كما هو الحال في الجماعات المأدلجة والمسيسة.. أو الجماعات المنغلقة فقط على الفقهيات مبدعة كل مهتم بغير ذلك، لحد إقصاء العديد منها لكل من سواها وتبديعها حتى للفكر الإسلامي برمته : لحد قول أحدهم : »لافكر في الإسلام ».وداعية بالعودة لشكليات عصر البعثة بنكران لكل العلماء الذين ليسوا على منهاجها على مر التاريخ، لحد تسمية إحداهابـ « جماعة التكفير والهجرة »..
في حين أن الأصل في الأصالة هو عصرنتها، والأصل في المعاصرة هو تأصيلها : فالأصالة الحقيقية هي المتعانقة بكل حكمة مع العصر والمعاصرة الحكيمة هي التي انبت على كل أسس الأصالة..فالسلفية الحقة إذن هي تأصيل المعاصرة وعصرنة الأصالة لتتعانق بذلك اجتهادات السلف والخلف..لأن خلف اليوم هم سلف الغد، وإلا فهي الرجعية والتنكر لكل الحضارة الإسلامية التي من أسسها :
ـ كل الأدب العربي ببلاغته وبيانه وكل علومه.. والعربية تعد من جواهر هذا الجهاد الحضاري لأنها تملك حضارة متماسكة أخذت كل بريقها من الإسلام
ـ كل ما هو علمي وحق فهو إسلام : مما يجعل كل العلوم أدوات دعوة لديننا الحنيف.
ـ الإعتراف بقصور العديد من العلوم التي ستتطور أكثر عبر المستقبل ،مما يوجب عدم تجميد التفاسير القرآنية على اجتهادات لم تستقر بعد.. وترك أبواب التفسير العلمي دوما متفتحة على الجديد.
ـ الوعي بشمولية الدين لكل مناحي الحياة الإنسانية.
ـ نجاعة تفتح المسلمين على الحضارات
ـ العداء لكل البواطل مهما كانت شدة ذويها
ـ الإهتمام بكل ما هو إنساني
ـ التعمق في الإسلام باستعمال كل الأدوات الحضارية .
وهاته النقط السبع رغم جوهريتها فإن العديد من دعاتنا لايعيرونها اهتماما توظيفيا رغم ما ستعطيه للإسلام من وزن فاتحة له كل الآداب الإنسانية وعلومها. وذلك من ميزات المسلمين الذين نجحوا واستفادوا من تفتحهم على العالم الآخر رغم العديد من السلبيات التي لاتمس جوهر هذا التفتح بقدر ما لها علاقة بأساليب تعامل بعضنا مع حضارة الآخرفـ :
ـ منا من لم يأخذ من الغرب غير الشكل ليضرب عرض الحائط كل حضارتنا.. نابذا كل المبادئ والقيم الإسلامية، لحد محاربته اليوم لهويته المتمثلة في عروبته أولا وإسلامه ثانيا.ومستقيا تفكيره من فلسفات انتقدها الغرب نفسه أيما انتقاد ،راميا لها في مزبلة التاريخ :في الوقت الذي لازال بعضنا يرفعها شعارا لتقدميته الرعناء، واصفا المسلمين بكل طوائفهم بالتخلف الفكري، لحد اتهام الدين بعلته في هذا التخلف..فألفت كتب عديدة في هذا المجال : تريد من المسلمين تبني نفس مسار النصارى مع الكنيسة للثورة الكلية ضد الدين أو على الأقل في سجن الدين بالعلمانية وقد نجحوا نسبيا في تحقيق هذا.
ـ ومنا أيضا من رفض كل معاني التفتح لينغلق على الماضي السحيق راجعا شكلا لعصر الصحابة ورافضا كل آداب الحضارات القائمة بما في ذلك الحضارة الإسلامية تاريخيا..وهذ التيار للأسف له دعاته الذين يوصون بسجن عقل المسلم في علوم تعبده وعلوم وظيفته لاغير.. مما جعلنا اليوم نعاني من أزمة خانقة للقراءة بالعربية ،فقد أصبحت شعوب العرب عكس ماضيهم التليد شعوبا لاتقرأ ..وتضرب فيها الأمية أعلى الأرقام القياسية عالميا.
في حين أن الدعوة الإسلامية لاترفض :
ـ كل ماهو حق : »فأينما كان الحق فذاك مبدأ الإسلام »
ـ كل ما هو خير : » فالإسلام يدعو لكل خير.. وبكل خير.. ولكل الناس.
ـ التعايش ما روعيت كرامة المسلم
وهذه ثوابت في الفكر الإسلامي تؤكدها العديد من الآيات والأحاديث وسيرة الرسول نفسه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق